الثلاثاء، 1 مارس 2011

تطور الفكر الإنساني

تطور الفكر الإنساني

مقدمة :

لست متخصصة في هذا المجال ولكنه إجتهاد شخصي ووجهة نظر شخصية أتمنى أن اكون قد أصبت فيها ....


يبدأ الإنسان في اكتساب ثوابت ومعتقدات تبُنى عليها شخصيته المستقبلية منذ أيام حياته الأولى


فيمر بعدة مراحل حياتية تُكون بشكل مباشر أو غير مباشر نظرته للحياة وتحدد علاقاته بالآخرين


و نحن هنا بصدد كيفية تكون الفكر الإنساني من المهد وحتى يصبح الإنسان عاقلا راشدا يعتد برأيه وتؤخذ بشهادته


ولعل أول تلك المراحل هي مرحلة الطفولة الأولية وما يرسخ فيها من ثوابت ومعتقدات تحدد الملامح الأولى لشخصية الإنسان دون تدخل منه وترسم بداية الخيط لتكوين المنهج الحياتي له


فقد يرتبط مثلا في ذهن الطفل صوت الآذان و توجه أمه لأداء الصلاة ونزول أبيه للمسجد وفى مرحلة مبكرة جدا يمكن للطفل أن يربط بين كل هذه الأشياء فنجده حين يسمع الآذان ينظر لأمه وكأنه يحثها على الصلاة وهنا يبدأ في تكوين عقيدته الدينية وإحساسه بأهمية الصلاة وارتباطها الوثيق بألف ياء الدين


ومنذ نعومة الأظافر يجد الطفل التوجيه التربوي من أمه وأبيه هذا عيب وهذا حرام لا تقل كذا وقل كذا


من هنا يبدأ الإنسان بتكوين الثوابت الحياتية وما هو مباح وما هو غير مباح


ثم يبدأ الإنسان مرحلة جديدة ألا وهى اختلاطه بالعالم الخارجي وخروجه من رحم المنزل لعالم أرحب في المدرسة


فيبدأ في اكتساب ثوابت جديدة من معلمه ومن احتكاكه بزملاء الدراسة ربما تتفق أو تختلف مع ما تلقاه هو في منزله ويبدأ الصراع الداخلي بين ما اكتسبه وما هو حوله الآن ويبقى الخيار على أي منهاج يُبقى وأي الثوابت يلتزم


تلك أول مرحلة في التكون الفكري الإنساني فلو كان ما تلقاه منذ الطفولة ثابت وقوي لديه لن يكتسب غيره ولن يغيره أبدا


وهذا أول خيار يواجه الإنسان مع أول احتكاك وفى بداية مرحلة المراهقة يجد الإنسان نفسه ملزما باتخاذ أول قرار في حياته في اتجاه الدراسة وفى أي مسار يحب أن يكمل دراسته


ربما يترك له الأهل هذا الخيار بحيث يكون نابع من داخله بمفرده أو يتدخل الأهل في اتخاذ هذا القرار وهنا أيضا يتحدد النمو الفكري الإنساني


وفي الحالتين سواء اختار بنفسه أو تمت مساعدته فهو بشكل غير مباشر يتم توجيهه لتكوين مسار حياته ومن هنا ربما يرسخ عنده عادة الاتكال وعدم التعرض لفكرة اتخاذ قرار منفرد خوفا من أن يكون غير صائب


في تلك الحالة تأخذ الشخصية اتجاه منحنى لضعف ما أو نقص في التكوين يكون سببه الأهل دون أن يدروا بذلك


فمن الصواب ترك مسئولية اتخاذ قراراته المصيرية بنفسه لكي نغرس فيه مبدأين هامين أولا عدم الاتكال على احد والاستقلال الذاتي في اتخاذ القرارات المصيرية وثانيا عدم إلقاء اللوم على احد في حال الفشل الذي غالبا ما سيحدث لان الإنسان إذا لم يتخذ قراراته بنفسه فلن يكون مسئولا عن تحقيق آمال غيره فربما يستهتر باختيارات الآخرين له بعكس لو كان ساعيا لتحقيق حلم ذاتي له


فنجد أن الأهل بشكل أو بأخر قد تدخلوا في بناء شخصية الابن في كلا الحالتين


بعد انتهاء الفرد من مرحلة الدراسة وخروجه لعالم أرحب ألا وهو الاحتكاك المباشر بالحياة والناس من خلال العمل والعلاقات المتعددة التي يجد نفسه مضطرا لها وللاحتكاك المباشر مع الناس بكل صورهم وأشكالهم


فلو كان الفرد غير مؤهل تماما لتلك المرحلة نفسيا وذهنيا فربما تخبط في جوانب الحياة وانقاد لأفكار ومعتقدات من شأنها تغيير مساره الفكري من النقيض للنقيض


مما يترتب عليه أيضا تحول مساره الحياتي والعلمي إلى مسار مخالف تماما لما أعده لنفسه وما أكثر من هم يتصيدون مثل تلك البراعم للتأثير عليها وتحويلها في اتجاهات مختلفة بما يسمى غسيل المخ وزرع معتقدات وقيم جديدة ربما تختلف اختلافا جذريا عن ما تربى ونشأ عليه الفرد


يقفز هنا سؤال هل كل إنسان معرض لذلك وعنده استعداد نفسي لكل هذا التغير وان كانت الإجابة ب لا


فما هي الدروع الواقية لعدم الوقوع في براثن تغير الاتجاه الفكري للإنسان


الإجابة بسيطة جدا فإلى جانب الرواسخ الطبيعية التي اكتسبها الفرد من المجتمع حوله هناك رواسخ يجب أن يزرعها وينميها داخل فكره بنفسه وذلك عن طريق القراءة والإطلاع


ولكن هنا أيضا نجد أنفسنا أمام خطر محدق ألا وهو كيفية اختيار الكتب التي يبنى عليها الإنسان معتقداته الخاصة وأن تكون كتبا ايجابية


تساعده في بناء شخصيته وكيانه الفكري وان تكون أيضا مناسبة للاتجاه الفكري والديني الصحيح وهنا أيضا يأتي دور الأسرة في اختيار أول كتاب يشكل فكر ابنهم الديني والثقافي والاجتماعي والذي على أساسه سيتم اختيار كافة أوجه الثقافة فيما بعد


وهنا أيضا يتضح جليا عند اختيار الكتب الثقافية كيف كانت النشأة الأولى للفرد سواء كانت نشأة سوية دينيا واجتماعيا أو نشأة غير سوية تجعل الفرد متخبطا في اتخاذ قرارات أي أنواع الثقافة يتخذ وأي الكتب يقرا


ولذلك المحنا في البداية إلى أهمية النشأة الأولى في حياة الإنسان وتكوين اتجاهه الفكري


إن للأسرة الدور الأكبر والأثر الأعظم في تكوين فكر الأبناء وتحديد الخطوط العريضة التي سوف يتم بناء الشخصية الإيجابية عليها فيما بعد ولكن للأسف هناك الكثير من الأسر لا تعي هذا الدور جيدا ويكون نتيجة ذلك خروج براعم ضعيفة لا تصمد أمام التيارات الفكرية المتطرفة في شتى المجالات


وللحديث بقية


بقلم


منى كمال


28/2/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق