الأحد، 23 فبراير 2014

قصص تقرب انماط الشخصية (الجنوبي)

قصة حياة الجنوبي، هذا الكائن

الرقيق المفعم بالعواطف،



لكي تفهمين الجنوبي عليك أن تعلمي أين يعيش،....؟؟؟


فمكان عيش كل نمط تحدد ملامح شخصيته، فكما رأينا بأن الشمالي يعيش في غابة، جعلته يصبح متوترا حذرا قليل التواصل مع الأخرين، ... سنرى الأن أن الجنوبي أيضا يعيش في مكان مختلف، يشكل جوانب شخصيته،











يعيش الجنوبي في قطب متجمد، فهل شاهدت ذات يوم قطب متجمد حيث الثلوج تغطي كل شيء والليل يستمر طوال اليوم، والبرد القارس يسيطر على الأجواء،





إن الجنوبي بجهازه العصبي والهرموني، يعيش في صقيع كهذا الصقيع، تماما كما الشمالي بجهازه الهرموني والعصبي يعيش في أجواء الغابة التي تستدعي الحذر طوال الوقت،








الجسد وعاء الأنسان، وبيته، وبيئته أيضا،


والجنوبي بكل ما لديه يعيش في صقيع وعالم من الثلج،


لا يد للجنوبي في ما هو عليه، لقد وجد نفسه فجأة في هذه الأرض، وكان عليه أن يخوض صراعا مريرا من أجل البقاء،




نظر الجنوبي الذي يتجمد من شدة البرد حوله بحثا عمن بهبه الدفيء تلفت عبر الظلمة هنا وهناك، فلم يرى شيئ ثم نظر من جديد، لكنه لم يرى أحدا،


وبقي طوال تلك الأيام يبحث، حتى بات يشعر باليأس، فقرر أن يبدأ في المشي إلى الأمام قليلا، لكن السير على هذه الثلوج خطر أخر، فقد يسقط في هوة عميقة مخفية تحت الثلج، ولهذا يلزم مكانه ولا يغامر، ولا يحرك ساكنا،




وبينما هو على هذا الحال، سمع صوت ضحكات اطفال في الجوار، فمد بصره قليلا، ليكتشف أن ثمة قبيلة قد أتت لتقيم إلى جواره، فجن جنونه من شدة الفرح،




وأخيرا وجد أشخاصا يأنس إليهم، فسارع إليهم بابتسامة طيبة مرحبة، فارعا يديه على مصراعيهما، وراغبا في ضمهم إلى صدره، إنه سعيد جدا بهم، سعيد حتى الاستغراق، كم هو سعيد، فقد شعر أخيرا بالأمان والاستئناس





عليه أن يتمسك بهذه القبيلة، وأن ينضم إليهم مهما كان الثمن، إنه بحاجتهم، فهو قد يموت إن بقى وحيدا، بعيدا عنهم، وبشكل خاص في هذه البقعة المتجمدة من الدنيا،



وما أن بات بينهم حتى بدأت الدماء تتحرك في عروقه، وشعر بالحياة تسري في جسده، وبات يضحك ويقهقه، ويتحدث معهم بمودة ومحبة،




وهم أيضا حينما لمسوا طيبة قلبه، وصفاء سريرته، احبوه، وقبلو ضمه إليهم،



كان على الجنوبي أن يقوم ببعض الأعمال لهذه الجماعة،



لكي يقبلوا به على الدوام، فهو يعلم قانون العالم المتجمد، كل شخصي عليه أن يؤدي خدمة ما للجماعة،


ولهذا تطوع كغيره من الجنوبيين في خدمة كل فرد من افراد الجماعة، إنهم يتبادلون الخدمات بشكل مستمر،

لكنه لا يفعل أي شيء لنفسه وحده، كل ما لديه ملك للكل، وكل ما لدى الأخرين ملكه،

هذا امر يشعره بالراحة، والاسترخاء،

يستطيع الاسترخاء حقيقة فعمل الواحد منهم كعملهم جميعا،

مع هذه الجماعة بات أكثر قدرة على النوم

ثمة من يحرسه، وثمة من يغسل ملابسه وثمة من يهتم بطعامه

إن عمله لا يتجاوز الساعتين

فافراد القبيلة كثر، ويتناوبون، ياااااااه ما أجمل التعاون

كم هو مريح كم هو جميل، كم هو مبدع هذا التعاون

لكن،


لا توجد خصوصية هناك، لا شيء لك وحدك، لا يمكنك غلق باب بيتك ففي أية لحظة قد يحتاج أحدهم للمبيت عندك، فكوارث تلك البقعة من الأرض كثيرة، ومفاجأة،



إن الجماعة تهبه الدفيء والأمن والاستقرار بطريقة جيدة، فمعهم أصبح أكثر أمنا، إنهم كجماعة بمقدورهم مساندة بعضهم والدفاع عن بعضهم


في البقع الثلجية من العالم، كل شيء ممل، وكل شيء بارد وقارس، والحياة هناك لا تساوي شيءا بلا صديق وونيس،






إن ما يجعل الحياة وساعات اليوم تمر بسلام،


هما شيئين فقط :

1- المجموعة ( الأصدقاء والزوجة ).
2- النوم.


عليه أن ينام قدر استطاعته، لكي يتجاوز ساعات اليوم الكئيبة الباردة، وفيما عدا ذلك فإنه سيقضي باقي اليوم في العناية بأصدقائه الجدد والتحدث معهم،


الجنوبي لا يبني المستقبل، لأنه مع الانهيارات الثلجية، ومع التنقل المستمر للجماعة لا يوجد مستقبل، ولا توجد طرق راسخة للبناء،



وكما ترون، فإن الجنوبي الذي أصبح سعيدا بجماعته الجديدة، بدأ يتنقل معهم، وكان يحدث نفسه لو أنه يلتقي بفتاة أحلامه الدافئة المشرقة،



كانت في القبيلة التي بات ينتمي إليها مجموعة كبيرة من الفتيات وكلهن معجبات، وهو يميل إلى استلطافهن والتودد إليهن بشكل مستمر،




فكثيرا ما يخبرهن كم هن جميلات، وكثيرا ما يهدي إحداهن تمثالا جميلا من الثلج، فيما يرفقهن جميعا بنظرة فاحصة بين وقت واخر، لكنه يتوق إلى امر أخر،

أمر يفتقده،

إنه كالشمالي الذي يقع في حب الجنوبية لأنها تمتلك ما يفتقده، حيث تمتلك الحب والحنان الظاهر والغامر.


وهكذا فإن الجنوبي سيقع ذات يوم في حب امرأة تفيض دفئا، ونشاطا، أمرأة تحمل ما ينقصه، تحمل النار المتأججة، التي ستسري في اوصاله وتعيد إليه الدفء

كان الجنوبي حتى ذلك الحين، قد حقق مكانة كبيرة بين افراد القبيلة، وقد استطاع بحكمته وسديد رأيه أن يتبوأ مركزا طيبا لدى رئيس القبيلة فأصبح مستشاره الخاص،



وبينما هو يتنقل عبر الثلوج، عثر على فتاة قد تاهت من قبيلة ربيعية بينما كانوا يعبرون القطب، سقطت بين الثلوج، اسرع إلى نجدتها، وكانت باردة حد الموت،

حاول الجنوبيون انقاذها، وبالفعل تمكنوا من ذلك، ورحبوا بها في القبيلة،






بدأ الجنوبي يراقب هذه الضيفة القادمة من المجهول، والتي تختلف عنهم في كل شيء، وكأنها كائن مختلف، إنها نشطة، ولا تعير العواطف الكثير من الاهتمام،

تعمل صامتة، وتعمل بجدية، وتنهي الكثير من الأعمال في وقت واحد، ولا تكاد تشعر بالبرد، كما أنها لا تهتم كثيرا لعينيه الفضوليتين ولا لتوددات افراد القبيلة المستمرة،

ينظر لها الجنوبي، المستشار والقائد الجديد،

وتعتمل مشاعر الحب والاعجاب في قلبه نحوها، ولا يكاد يرى سواها، وفجأة يصبح مخلصا، فيتوقف عن ممازحة بنات القبيلة، ويخصص كل مشاعره للتفكير بفتاته الشمالية،

عندما ينظر الجنوبي للشمالية، يرى كم هي منهكة متعبة، وكم هي باردة من الخارج، فيعتقد أنه المنقذ لها، وأن عليه أن يسرع إلى تلبية احتياجاتها من الحب والاحتضان،



الجنوبي كغيره من الناس يرى العالم بمنظوره الخاص، ويعتقد أن كل الناس مثله تشبه في احتياجاته، وأن الشمالية لا تحتاج حاليا إلى اكثر من الحب والدفيء والانتماء الذي كان قد احتاج إليه سابقا، عندما كان وحيدا،



الشمالية حركت لديه بعض المشاعر لأنها خاطبت الاختلاف،



والجنوبي يشعر بانجذاب، ويرغب لو أنه يستطيع أن يبث ذلك الحب الكبير والود إليها،



لكنه خائف متردد ويشعر بالخجل بعض الشيء،


لكن الشمالية الجريئة شعرت به، وادركت انه يراقبها، فاقتربت منه وسألته إن كان يرغب في قول شيء،


لكن الجنوبي اصيب بالتوتر والتردد من جديد، وبدأ يحدث نفسه عن قوتها وجرأتها، ورأى أن بأمكانه البوح،


فباح لها، بما في قلبه، وأنه يرغب في الزواج،

طلبت الشمالية مهلة قصيرة للتفكير،

إنها متسرعة ولهذا وافقت بعد هنيهة،


لكنها سألته عن مهرها فماذا قال.....؟؟؟


قال لها: اعدك أن لا أتركك وحيدة أبدأ وأن أمدك كل لحظة من حياتك بالحب الذي تحتاجين إليه، وأن اجلعك تعيشين مدى عمرك دافئة.





فكيف فهمت الشمالية الكلام.....؟؟؟

أعدك أن لا أتركك وحيدة: أن يلازمها حتى حينما تقرر الانفصال عن الجماعة، والرحيل إلى بقعة اكثر امنا.

اجعلك تعيشين في دفيء: اي أبني لك بيتا في مكان دافيء وحميم.



ومرت الأيام والشمالية تنتظر والجنوبي طيب القلب المسالم، لا يفعل شيء أكثر من احتضانها بالحب والعطف كل ليلة،

ويداعبها طوال اليوم، ويتباها بها أمام افراد قبيلته، كم هو فخور بزوجته

منصرفا بذلك عن مغازلة جميع نساء القبيلة،

وكانت الشمالية في بداية الأمر مثله، منغمسة بطبيعتها كأنثى في أحضان حبه ووده، وسعيدة به، ... لكن...

في أحدى الأيام، استيقظت الشمالية فوجدت أن بيت الجيران قد انهار، بسبب انيهار ثلجي اثناء الليل، فشعرت بالرعب، وفكرت أن ذات الشيء سيحدث لهما لو أنهما بقيا هنا....


فسارعت إلى زوجها الجنوبي تخبره ما حدث، لكن الجنوبي لم يحرك ساكنا، كل ما فعله أنه ساهم مع افراد القبيلة في دفن الموتى،

بقيت الشمالية تفكر،

والجنوبي عاد إليها اكثر شوقا، يملأه الحب، والود،

وهو يفكر في اعماقه، ها قد حصلت على امرأة هي كل كياني، امرأة تختلف عن كل نساء القبيلة، يحسدني عليها الكل،

كم أحبها، سأعوضها عن كل ايام البرد التي عانتها، وسأخذها في قلبي أبد الدهر، لا تساويها امرأة أخرى،

سأحتضنها كلما كانت بقربي، ولن أسمح لمكروه يمسها،

بينما الشمالية تفكر في الوعود التي قطعها الجنوبي على نفسه ولم ينفذها حتى الأن، فأين الأمن الذي وعدها به، ..........؟؟؟

منقول للفائدة

 
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق