الأحد، 23 فبراير 2014

قصة الجنوبي مع الشمالية (2)


ونكمل حكاية الجنوبي،


عندما عاد الجنوبي الرجل الرقيق المشاعر إلى حبيبته الشمالية، وجدها غاضبة متجهمة، فحاول أن يعرف سبب غضبها، فانفجرت به لأول مرة وبصوت عالي باتت



تصرخ : لقد كذبت علي، لقد اخبرتني انك ستشعرني بالأمن، لكن لا شيء حدث، بالعكس اني اعاني الخوف كل يوم، لم تعد لدي الرغبة في الانجاب، ولست ارغب في البقاء معك، إنك لا تفعل أي شيء لتحميني....


لكن الجنوبي يسمع: إنك لا تحتضنني كفاية، إنك لا تقبلني كفاية، إني بحاجة إلى المزيد من الدفء.



فيبادر إلى الاقتراب واحتضانها، لكنها بكل قسوة تدفعه بعيدا، فهي تعاني ضغطا رهيبا، فهي تعيش في غابة والخيارات وتوفرة، وهو يعيش في قطب متجمد ولا خيار،



عندما تدفعه عنها يصاب الجنوبي بالصدمة والخوف معا، وينظر لها كأنه لأول مرة يراها، إنها كالوحش الهائج، لا يمكنه الاقتراب اكثر،


لأول مرة يرى وجها قاسيا باردا كهذا،


لم يكن يعرف أن عدم الأمان هو كرباج الضغط الذي يسلط الشماليين،


والذي يحولهم إلى متسلطين،


كانت الشمالية تفكر طوال الوقت في الانهيار الذي اودى بحياة جارتها،


وتنظر للقبيلة الجبانة التي ما حاولت يوما أن تجعل حياتها اكثر امنا،


وتساءلت أمام كل افراد القبيلة: لماذا لا تتركون المكان، لماذا لا ترحلون، ........؟؟؟


لكن أفراد القبيلة الجنوبيين: يخشون الرحيل في هذا الفصل من السنة، يتأنون كثيرا، ولا يستطيعون السير إلى مسافة بعيدة، إنهم يعرفون حدود امكانياتهم ....




لكن الشمالية لا تعلم....


ثم تقرر الرحيل مع زوجها وحدهما.........



كان الجنوبي يستمع إلى حديثها، ويحدث نفسه بأن كلامها صحيح، فقط لو أنه يستطيع اقناعها بالتريث، حتى يهدأ الجو،




لكنها مصرة،



فيحايلها التريث،


لكنها مصرة،



إنها عنيدة، ومتسرعة،


فيقول لها: لا أستطيع ترك قبيلتي بهذه السهولة، إنهم يعلقون علي الأمال، اصبحت قائدهم لا استطيع التخلي عن مكانتي ومنصبي بسهولة، افهميني، تريثي قليلا، لعلنا نجد حلا أخر،






لكن الشمالية تعلم أنه ما أن يحل الربيع وتهدأ الاوضاع سيعود جميع افراد القبيلة إلى اللهو واللعب، ولن تتمكن من السيطرة بعد ذلك على زوجها، لن تتمكن من اقناعه بالرحيل،


عليها أن تفعل ذلك الأن، بما أن المكان ينبأ بالكوارث،


إنه أفضل توقيت للتأثير على زوجها،




الجنوبي هذا الرجل المحب، لا يكاد يرفض لها طلبا، لكنه لا يستطيع الانفصال عن الجماعة،


إنه يعرف ماذا يحدث للإنسان حينما يبقى وحيدا،


وقد جرب ماذا تعني الوحدة في الصقيع،



لكن الشمالية لا ترى أنها وحيدة مادام هو معها، فهو كل حياتها، والقبيلة لا تهمها كثيرا،



لكن الجنوبي يرى أن كل القبيلة هو، إن القبيلة هي زاده في هذه الحياة، وهي اساس سعادته وراحة باله،


لكن الشمالية لا تكاد تفهم،



إنها تصر على اقتلاعه من جذوره،


إنها تصر على فصله عن رحم الراحة،


فيحاول الضغط عليها فيفول: لكني لن ارحل معك ستضطرين للرحيل وحدك،


فتصاب الشمالية بالرعب، فهي لا تكاد تعيش بدونه،



فتحاول من جديد بكل الطرق اقناعه،



ولانه طيب القلب محب ودود


يقبل اخيرا.



وهكذا ترحل الشمالية ويتبعها الجنوبي غير مقتنع،



وفي قلبه حزن عميق على تركه احبته في القبيلة،



وبمجرد أن تركا القبيلة، بات كل افراد القبيلة يفكرون في الرحيل،


فالشمالية حركت لديهن الأمل، والحماس لذلك،



لكن الشمالية وزوجها المحب قد غادروا مبكرا،


وتجاوزوا مسافة كبيرة،



كان الجنوبي قد بدأ يشعر بالأرهاق والتعب،


وكانت الشمالية تقوده،


وكان يتمنى لو أنها تتوقف قليلا ليتبادلا القبل والاحتضان، فهو يشعر بالبرودة تكاد تقتلع روحه،


لكن الشمالية الغابة، لا تشعر سوى بالخوف والوحشة من المكان، وترغب في الوصول سريعا إلى وجهتها،



وفجأة وبينما هي تسير،


التفتت للخلف لترى جنوبيها ( زوجها ) وقد سقط أرضا،


اسرعت إليه وبدأت تحتضنه وتبكي،


لكنه بقي في غيبوبته،


فشعرت فجأة أي فاجعة اصبتها،



كانت طوال الوقت تؤذي صاحبها،


حملته بين ذراعيها، وضمته بشدة، وهي تبكي وترجوه أن يفيق، وتعده أنها ستتوقف في المرة التالية ولن تتركه يموت بردا،



وبينما هي على حالها، سمعته يهمهم،


ففتح عينيه وطلب منها أن تضمه أكثر،


ففعلت،


وفي اليوم التالي بات الجنوبي أفضل، وصارت صحته بخير،


لكنه لا زال منهكا،


فطلب منها الاسترخاء لبعض الوقت،



لكن الشمالية نظرت حولها فرأت أن المكان لا يشجع على البقاء،


وقالت: لما يبقى الكثير، الغابة في الجوار،



وصارت تفكر: لما كل هذا ، لماذا يتعب الجنوبي سريعا، أليس هو الرجل وعليه أن يكون اكثر نشاطا مني....



وكان الجنوبي يفكر: ما هذه المرأة القاسية، كيف لها أن تفعل بي هذا، الا تشعر بالبرد، ألا ترغب في الدفء، لماذا لا تقترب مني أثناء السفر، لماذا تصر على المشيء امامي، وغرس الغصن الناشف في الأرض،


فسألها: لماذا تغرسين غصنا ناشفا في الأرض أمامك كلما سرت.....؟؟


قالت: لكي أتأكد بأن الأرض أمامي صلبة، فلا أقع في هوة، وأتركك ورائي، لأني وجدتك متردد وخائف،....




شعر الجنوبي بالاعجاب بها اكثر، لكنه لم يعد يحبها كما السابق،


فهي في نظره شيء مختلف، هي ليست امرأة بمعنى المرأة التي كان يعرفها،


فنساء القبيلة مختلفات، إنهن دافئات، ملتصقات، فاتنات، أمهات الحب فعلا،






لكن هذه المرأة ليست سوى عقل يسير على الأرض...... إنها كرجل.......!!!!


 
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق